أسماء الله وصفاته
عقيدة الجهم بن صفوان
ثم في القرن الثاني خرج مذهب التعطيل؛ بدأ في الانتشار، وكان أول من أظهره رجل يقال له: الجعد بن درهم اسم> فإنه لما أعلن هذا المعتقد كان اعتقاده إنكار صفات الله تعالى؛ فأنكر صفة الكلام، وادعى أن الله لم يكلم موسى اسم> تكليما، وأنكر صفة المحبة، وادعى أن الله لم يتخذ إبراهيم اسم> خليلا، وأصر على هذا المعتقد، وهو الذي قتله خالد القسري اسم> في يوم العيد، وجعله كالأضحية بعدما خطب وقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم؛ فإني مضح بالجعد بن درهم اسم> إنه زعم: أن الله لم يتخذ إبراهيم اسم> خليلا، ولم يكلم موسى اسم> تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد اسم> ثم نزل فذبحه.
وفي ذلك يقول ابن القيم اسم> في مقدمة النونية:
ولأجـل ذا ضحـى بجعـد خالـد الـ | قسـري يـوم ذبـائـح القربـان |
إذ قـال إبـراهيـم ليـس خـليلـه | كلا ولا مـوسـى الكليـم الـداني |
شـكر الضحيـة كـل صـاحب سنة | للــه درك مــن أخـي قربـان |
شكر الضحيـة كـل صـاحب سنة | .................................. |
عقيدته إنكار الصفات يعني تعطيل الله تعالى عن الأسماء والصفات كلها؛ ولكن أضاف إلى ذلك أيضا بدعا؛ اجتمعت فيه ثلاث بدع:
بدعة التعطيل، وبدعة الإرجاء، وبدعة الجبر.
فإنه جبري؛ يدعي أن العبد مجبور، ليس له أي اختيار، وأن حركاته ليست باختياره، فليس له أي اختيار في أي عمل، فيعتقد معتقد الجبرية.
كذلك أيضا يعتقد معتقد المرجئة الذين يغلبون جانب الرجاء، ويبيحون للعاصي أن يعمل المعاصي، وهذه بدع كبيرة.
بدعة الإرجاء أهلها يسمون مرجئة؛ قيل: سموا مرجئة؛ لأنهم أرجئوا الأعمال عن مسمى الإيمان، بمعنى أنهم لم يجعلوا الأعمال من الإيمان، فالإرجاء بمعنى: التأخير كما قال تعالى: رسم> تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ قرآن> رسم> يعني: تؤخر من تشاء، فالتأخير عندهم أنهم قالوا: الإيمان هو التصديق، أو الإيمان هو المعرفة, وأنكروا أن تكون الأعمال من الإيمان، وجعلوا كل من صدق فهو كامل الإيمان، وقيل: سموا مرجئة؛ لأنهم يغلبون جانب الرجاء بمعنى: أنهم يغلبونه على الخوف، والواجب أن الإنسان يستوي عنده الخوف والرجاء، يقومان كجناحي الطائر، يحمله الخوف على ترك المعاصي، ويحمله الرجاء على عدم اليأس، وهؤلاء غلبوا الرجاء وفي ذلك يقول قائلهم:
فكثر مـا استطعت مـن المعـاصي | إذا كـان القـدوم عـلـى كـريـم |
هذه بدع الجهم اسم> اشتهر بهذه البدع، ثم اشتهر أن الذي قتله يقال له: سالم بن أحوز اسم> فقيل: إنه قتله سياسة، يعني: من باب الخوف على الملك؛ لأنه كأنه أظهر مظهر المعتزلة في الخروج على الأئمة، وعلى ولاة الأمر، ولعل قتله كان لبدعه، وأن قتله من باب اعتقاد أنه كافر، اشتهر مذهب الجهمية الذي هو إنكار الصفات، إنكار الصفات كلها؛ بل إن غلاتهم أنكروا الأسماء وجعلوها مجازات؛ فلم يعترفوا لله تعالى بأنه يسمى باسم من الأسماء التي سمى بها نفسه، كالعزيز الحكيم، السميع البصير، وما أشبهها.
مسألة>